ابن البناء المراكشي هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي العددي. يختلف المؤرخون حول
مسقط رأسه، إلا أن أغلب الآراء تجمع على أنه ولد بمراكش سنة 654 هجرية. لُقِّب ابن
البنَّاء بهذا الاسم؛ لأن جده كان بنَّاءً، ولُقِّب بالمراكشيِّ لأنه وُلِدَ بمدينة
مراكش، كما لقب بالعدديِّ نسبة إلى العدد، أي الحساب؛ لأنه نبغ في علم الرياضيات.
تعليم ابن البناء المراكشي
حفظ ابن البناء القرآن الكريم صغيرا، و درس الفقه و النحو و الصرف و البلاغة
و الأدب على يد مشاهير علماء مراكش. توجه ابن البناء بعد ذلك إلى فاس، فدرس الطب و الرياضيات
و الفلك، حتى برع في هذه العلوم.
مجالات نبوغ ابن البناء المراكشي
على غرار علماء عصره برع ابن البناء في عدة علوم كالفلك و الطب و الرياضيات.
ألف في الرياضيات كتاب (تلخيص أعمال الحساب)، و رغم أن الكتاب يتميز بحجمه الصغير جدا و بمادته الرياضية القليلة،
إلا أنه هيمن على التدريس والتأليف الرياضي طيلة سبعة قرون؛ من القرن 14 م إلى القرن
20 م.
كتب ابن البنّاء مؤلفات أخرى عديدة في علم الفلك، أهمها - منهاج الطالب
في تعديل الكواكب - و هو كتاب تطبيقي لحساب الروزنامات الفلكية، ضمّنه قوائم مفصلة،
و قد حقق المستشرق الإسباني فيرنه خينس مقدمة الكتاب و بعض فصوله و ترجمها إلى الإسبانية.
كما ألف نصا حول الأسطرلاب عنونه بـ - الصفيحة الشكزية
ابن البناء المراكشي في الرياضيات
من إسهامات ابن البناء في الحساب التي ضمنها كتابه ( تلخيص أعمال الحساب
)، أنه أوضح النظريات الصعبة و القواعد المستعصية، و قام ببحوث مستفيضة عن الكسور، و
وضع قواعد لجمع مربعات الأعداد ومكعباتها، وقاعدة الخطأين لحل معادلات الدرجة الأولى،
والأعمال الحسابية. كما أدخل بعض التعديل على الطريقة المعروفة بطريقة - الخطأ
الواحد - و وضع ذلك على قواعد منهجية ترقى إلى مستوى القانون. و توجد في الكتاب،
أيضا، طرق لإيجاد القيم التقريبية للجذور الصم، و قيم أخرى تقريبية للجذور التكعيبية
لبعض المقادير الجبرية، و غيرها من المسائل الرياضية.
وقد جاء في دائرة المعارف الإسلامية أن ابن البنّاء قد تفوق على من سبقه
من علماء الرياضيات العرب وخاصة في حساب الكسور، كما عُدَّ من أهم الذين استعملوا الأرقام الهندية في صورتها المستعملة
عند المغاربة.
لقد اكسبَ ابن البناء المراكشي اشتغالُه بالرياضيات شهرة عظيمة بين معاصريه،
فنال الحظوة في بلاط دولة المرينيين في فاس، فكانوا يستدعونه كأستاذ كرسي لإلقاء دروس
الحساب و الهندسة و الجبر، معتمدا في ذلك بالأساس على الجوانب التطبيقية و العملية التي
تحوِّل الحساب إلى منهج في الحياة و العمران.
أهمية مؤلفات ابن البناء المراكشي
تُرجمت مؤلفاته إلى العديد من اللغات، مثل: الفرنسية و الإيطالية و الاسبانية.
إلا أن علماء الغرب عندما ترجموا كتاب ( تلخيص أعمال الحساب ) لابن البناء انتحلوا
كثيرًا من الأفكار و النظريات الرياضية لأنفسهم، و بقي هذا الاعتقاد حتى القرن الثالث
عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي، ولكن المستشرق الفرنسي أريسيتدمار كشف هؤلاء المنتحلين
لنظريات ابن البناء المراكشي، من خلال ترجمته للكتاب إلى اللغة الفرنسية.
كان ابن البناء المراكشي شخصية فذَّة، لها فضل في علم الرياضيات استحقت
التنويه، فكانت مثار تعليقات عميقة من الهيئات العلمية في الشرق و الغرب، و من بعض المستشرقين الذين أخلصوا للعلم و الإنسانية جمعاء.
كما كان لأفكار و مؤلفات ابن البناء المراكشي دور كبير في تطور علم الرياضيات،
وهذا ما اعترف به علماء الشرق والغرب، كما كان لتلاميذه دورٌ كبير في استكمال المسيرة
من بعده. و هكذا ظل ابن البناء المراكشي طودًا شامخًا، وعلمًا من أعلام الإسلام في
بلاد المغرب العربي خاصة والعالم الإسلامي عامَّة، إلى أن توفي، رحمه الله، بمراكش
عام ( 721 هـ / 1321 م ).
المصدر - مجلة Le Maroc Scientifique -
ابن البناء المراكشي: عالم الفلك و الرياضيات |
No comments:
Post a Comment