العشر الأواخر من رمضان


تفرغ للعبادة

لا يجتمع اغتنام ليالي العشر مع الصفق بالأسواق، فلماذا لا نبادر بشراء حاجات العيد وغيره قبل دخول العشر العظيمة ؟!

كالتي نقضت غزلها

« و لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة » [النحل:92]. المعنى كامرأة غزلت ثوبا و خاطته، فلما تمّ نقضته خيطا خيطا. و مثلها تلك التي اجتهدت عشرين يوما من رمضان، فلما حانت العشر الأخيرة و هي السوق الأكبر للأعمال الصالحة تركته وانشغلت بالأسواق.

تقول عائشة رضي الله عنها: « كان صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره » رواه مسلم (1175).

أسوة حسنة

اجتهد عليه الصلاة والسلام فأحيا ليله، و أيقظ أهله، و تورمت قدماه، و بكى حتى بلَّ لحيته و موضع سجوده، و اجتهد معه الصحابة فأطالوا الصلاة حتى خشوا فوات السحور، و صلوا بعده حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام.

و يطعمون الطعام

طبخ الطعام و إرساله إلى المساجد فيه أجر عظيم، خصوصا و أنها تحوي في هذه الليالي الشريفة من عباد الله المعتكفين و المصلين الذين يحصل الشرف بخدمتهم، و إذا كان فضل إطعام الطعام كبيرا، فكيف إذا كان إفطارا أو سحورا ؟! و كيف إذا كان من يأكله أهل الطاعة و العبادة ؟!

و لأصحاب الأعذار نصيب

قد يصيب الشيطان الحائض و النفساء بالإحباط، فيصرفهما إلى الانهماك في زينة البيت و الصفق بالأسواق، و الحقيقة أن هنالك عبادات كثيرة يمكنهما القيام بها مثل:
· التفكر في آيات الله وآلائه، وفي عيوب النفس لإصلاحها.
· ذكر الله بالقلب واللسان، والدعاء.
· تلاوة القرآن دون مس المصحف.
· الاستسلام لقدر الله فيما كتبه عليها.
· رعاية أولاد المعتمرات.
· البذل و الإحسان، و إطعام الطعام، و خدمة الصائمين، و تأمُّل حديث « ذهب المفطرون اليوم بالأجر » متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه.

من حكم إخفاء ليلة القدر

من حكم إخفاء ليلة القدر وتنقلها بين ليالي العشر - على الصحيح - أن يجتهد العبد تمام الاجتهاد في كل ليلة راجيا أن تكون هي ليلة القدر، فيتحقق له قوة التعبد، و صدق الدعاء في كل الليالي؛ لتكون عونا له على بقية عامه.

من بركات ليلة القدر

« إنا أنزلناه في ليلة مباركة » ]الدخان:3  [من بركاتها :
· العمل فيها أفضل من عمل ألف شهر ) 83 سنة و 4 أشهر ).
· فيها نزل القرآن.
· كثرة نزول الملائكة بالخير والرحمة.
· من قامها إيمانا بالله و ما أعده من ثواب لأهلها و احتسابا للأجر غفر له ما تقدم من ذنبه.
· يرجى فيها إجابة الدعاء؛ و لهذا أوصى رسول الله صلى الله عليه و سلم عائشة أن تقول فيها : « اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني » رواه الترمذي (3513) و ابن ماجة (3850) و صححه الألباني.

الاجتهاد ليلا و نهار

من مظاهر التقصير في العشر ما يفعله بعض الناس من الاجتهاد في الطاعة ليلا، والكسل والفتور نهارا، و منهم من يتجاوز ذلك فينام عن صلاة الظهر والعصر. قال ابن رجب: قال الشعبي في ليلة القدر « ليلها كنهارها » لطائف المعارف (ص228) و هذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله و نهاره.

من علامات ليلة القدر

ليلة القدر بلجة - مشرقة - منيرة، طلقة لا حارة و لا باردة، لا يرمى فيها بنجم و لا شهاب، تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها، أخفاها الله عنا لنجتهد في تحريها. و يبتعد المسلم عن المجازفات بإرسال تلك الرسائل التي تعينها بغير دليل؛ لما فيها من تثبيط عن الاجتهاد بقية الشهر، فلنواصل العبادة والدعاء؛ فإنها ليلة تقسم فيها الأرزاق و الآجال.

تعيين ليلة القدر

قال ابن عثيمين رحمه الله : « الراجح عند أهل العلم: أن ليلة القدر تنتقل تارة تكون في ليلة إحدى و عشرين،  و تارة تكون في ليلة ثلاث و عشرين، و في ليلة خمس و عشرين، و في ليلة سبع و عشرين، و في ليلة تسع و عشرين، و في الأشفاع قد تكون »

أرجى ليلة

و أرجى الليالي لليلة القدر هي ليلة سبع و عشرين، و كان صلى الله عليه و سلم يجمع أهله و نساءه و الناس فيها فيقوم بهم حتى السحر. رواه أبو داود (1375) و الترمذي (806) و صححه الألباني.

و عن النعمان بن بشير قال: « قمنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في رمضان ليلة ثلاث و عشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس و عشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح - يعني السحور » رواه النسائي (1606) و صححه الألباني.

التمسوها آخر ليلة

إذا انتهت ليلة سبع وعشرين فإن رمضان لم ينته بعد، و ليلة التاسع و العشرين ليلة عظيمة، و ربما كانت آخر ليلة من رمضان، و قال صلى الله عليه و سلم: « التمسوا ليلة القدر آخر ليلة » رواه ابن خزيمة في صحيحه (2689) من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه و صححه الألباني في صحيح الجامع (1238). و حديث مغفرة الذنوب على قيام رمضان يقتضي إكماله إلى آخر ليلة، فاستعن بالله على ذكره و شكره و حسن عبادته.

الأعمال بالخواتيم

إن الخيل إذا قاربت نهاية السباق أخرجت أحسن ما عندها، و من أحسن فيما بقي غفر الله له ما مضى، و العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية، اللهم أعد علينا رمضان بعافية وإيمان.
المصدر - كتاب زاد الصائم - محمد صالح المنجد
العشر الأواخر
العشر الأواخر من رمضان

No comments:

Post a Comment