التربية مسئولية عامة خطيرة بما تمثل من عناصر أساسية في بناء
الشخصية الإنسانية لذلك يجب أن نهتم بها الاهتمام الواجب في جميع مراحل التعليم
وأجهزة الإعلام لنقيم أساسًا متينًا للفرد، وقاعدة بشرية جديرة بالحياة في هذا
العصر، ونحن نولي التربية الدينية والقومية ما تستحق من عناية، ولكن لا بد من
إضافات أخرى تنضم كدراسات حرة، أو في كتب القراءة، وغير ذلك من وسائل الإيصال
الحديثة.
في مقدمة ذلك التربية الثقافية التي تستهدف خلق المواطن المحب
للمعرفة والتفوق، والجمال في كافة صوره الفنية والطبيعية، مما يقتضي نشر المكتبات
في المدارس والمجلات وفرق التمثيل والموسيقى والشعر والخطابة، ومن الأهمية بمكان
عرض تاريخ الحضارات لإيضاح ما قدمه كل شعب للإنسانية من إنجازات روحية ومادية،
وليكون تنوع الحضارات مدخلًا للتفاهم، وتبادل التقدير بديلًا من الجفوة وسوء الظن.
كذلك يجب أن يلم أبناؤنا بما يتيسر من مبادئ المنهج العلمي، لا باعتبارها
باب النجاح للعلم وإنجازاته فحسب، ولكن أيضًا بوصفها المنهج الصحيح للتفكير
السليم، والضمان لسلامة العقل وصونه من الانحرافات والآفات التي تخضعه لتسلط
الانفعالات والتعصب وتحرره من قبضة الخرافات والترهات التي تزيف الحقائق وتوقف
التقدم.
وأخيرًا وليس آخِرًا يجب الاهتمام اهتمامًا خاصًّا بحقوق الإنسان في
فكره وعقيدته وسلوكه والتعامل معه؛ لينشأ الأبناء على احترام أنفسهم ومواطنيهم
والناس جميعًا، وليحظى الفرد عندهم بما يستحق من احترام وتقديس.
إن الاهتمام بتلك القيم هو اهتمام بالإنسان والإنسانية، اهتمام
بالعقل والفكر والديمقراطية الحقة كما تجري في الحياة اليومية، وفي النهاية
الحضارة التي يجب أن نتحضر بها في العالم الحديث للتكيف معه، واكتساب القدرة على
العيش فيه بنجاح وسعادة وكرامة.
نحو تربية حديثة نجيب محفوظ |
No comments:
Post a Comment