ولد ابن خلدون في تونس سنة 1332م و
توفي في القاهرة سنة 1406م. و قد قال عنه المؤرخ الإنجليزي توينبي '' ... إن
ابن خلدون في المقدمة التي كتبها لتاريخه العام قد أدرك و تصور و أنشأ فلسفة
التاريخ. و هي بلا شك أعظم عمل من نوعه خلقه أي عقل في أي زمان و مكان..."
إن مقدمة ابن خلدون أساس التاريخ و
حجر الزاوية فيه كما يقول ماكدونالد. و هي مقدمة فلسفية لم ينسج أحد على منوالها
قبلها حتى علماء اليونان و الرومان و غيرهم، و هناك من علماء الإفرنج من خرج
بتصريح خطير بعد دراسة المقدمة، فاعترف بأثر هذه المقدمة في التاريخ و فلسفته، قال
روبرت فلنت: « من وجهة علم التاريخ و فلسفته يتحلى الأدب العربي باسم من ألمع
الأسماء، فلا العالم الكلاسيكي في القرون القديمة و لا العالم المسيحي في القرون
الوسطى يستطيعان أن يقدما اسما يضاهي في لمعانه ابن خلدون».
و يتابع كلامه فيقول: « إن من يقرأ
المقدمة بإخلاص و نزاهة لا يستطيع إلا أن يعترف بأن ابن خلدون يستحق لقب مؤسس علم
التاريخ و فلسفته ». و في هذه المقدمة يتجلى اتساع أفق تفكير ابن خلدون و
غزارة علمه، فقد اتخذ من المجتمع كله و ما يعرض فيه من الظواهر مادة لدرسه و حاول
أن يفهم هذه الظواهر و أن يعللها على ضوء التاريخ، و أن يرتب من سيرها و تفاعلها
قوانين اجتماعية عامة.
و هذا ما جعل الباحثين يقولون بتفوق ابن
خلدون على - مكيا فللي - تفوقا عظيما في التفكير و نوع النتاج و في نظريات
العصبية و اعمار الدول و خواصها و معالجتها من النواحي الاجتماعية، مما حدا بالعالم
الاجتماعي – جمبلوفتش – أن يصرح بأن فضل السبق يرجع إلى العلامة الاجتماعي
العربي ابن خلدون فيما يتعلق بكثير من النظريات و الآراء التي وردت في كاب
الأمير لمكيافللي.
و قد قارن – كلوزيو – بين ابن خلدون و مكيا
فللي فقال في هذا لصدد: « إذا كان مكيافللي يعلمنا وسائل حكم الناس فإنه يفعل
ذلك كسياسي بعيد النظر. و لكن العلامة التونسي ابن خلدون استطاع أن ينفذ إلى
الظواهر الاجتماعية كاقتصادي و فيلسوف راسخ، مما يجملنا بحق على أن نرى في أثره من سمو النظر
و النزعة النقدية ما لم يعرفه عصره.»
قدري حافظ طوقان | الخالدون العرب |
ابن خلدون
قدري حافظ طوقان | الخالدون العرب | ابن خلدون |
No comments:
Post a Comment