ولد البتاني في بتان من نواحي حران بعد سنة 235 هـ و توفي قرب سامراء في العراق سنة 317 هـ - 929 م. قال عنه لالاند :
من العشرين فلكيا المشهورين في العالم كلهالبتاني من عباقرة العالم الذين وضعوا نظريات هامة و أضافوا بحوثا مبتكرة في الفلك و الجبر و المثلثات. و نظرة إلى مؤلفاته التي عملها تبين خصب القريحة و ترسم صورة عن عقليته الجبارة. كان البتاني من أبرز علماء القرن العاشر (10) من الذين أسدوا أجل الخدمات إلى العلوم. اشتهر برصد الكواكب و الأجرام السماوية. و على الرغم من عدم وجود آلات دقيقة كالتي نستعملها الآن فقد تمكن من اجراء أرصاد لا تزال محل دهشة العلماء و محط إعجابهم. لقد عده كاجوري و هاليه من أقدر علماء الرصد و سماه بعض الباحثين - بطليموس العرب - و قال عنه سارطون أنه من أعظم علماء عصره و أنبغ علماء العرب في الفلك و الرياضيات. وبلغ إعجاب لالاند العالم الفرنسي الشهير ببحوث البتاني وآثره درجة جعلته يقول (( أن البتاني من العشرين فلكيا المشهورين في العالم كله ))
رأى البتاني أن شروط التقدم في علم الفلك التبحر في نظرياته و نقدها و المثابرة على الأرصاد و العمل على إتقانها، ذلك - لان الحركات السماوية لا يحاط بها معرفة مستقصاة حقيقية إلا بتمادي العصور و التدقيق في الرصد - و قد جاء في زيجه :
و إن الذي يكون فيها من تقصير الإنسان في طبيعته عن بلوغ حقائق الأشياء في الأفعال كما يبلغها في القوة يكون يسيرا غير محسوس عند الاجتهاد و التحرز لا سيما في المدد الطوال. و قد يعين الطبع و تسعد الهمة، و صدق النظر و إعمال الفكر و الصبر على الأشياء و إن عسر إدراكها. و قد يعوق عن كثير من ذلك قلة الصبر و محبة الفخر و الحظوة عند ملوك الناس بادراك ما لا يمكن إدراكه على الحقيقة في سرعة، أو إدراك ما ليس من طبيعته ان يدركه الناسو هو أول من عمل الجداول الرياصية لنظير المماس. و من المحتمل أنه عرف قانون تناسب الجيوب. و يقال أنه كان يعرف معادلات المثلثات الكرية الأساسية و أعطى حلولا رائعة بواسطة المسقط التقريبي لمسائل في حساب المثلثات الكري. و قد عرف هذه الحلول - ريجيو مونتانوس - و سار على منهاجها. وقد تمكن من اكتشاف معادلة مهمة تستعمل في حساب المثلثات الكرية أتينا عليها تفصيلا في كتاب تراث العرب العلمي. و هذه المعادلة هي من جملة الإضافات الهامة التي أضافها العرب إلى علم المثلثات.
و فوق ذلك فقد استعمل البتاني الجيوب بدلا من أوتار مضاعف الأقوالس. و هذا مهم جدا في الرياضيات. و إن الملمين بالمثلثات ليدركون أهمية إدخال جيب. و يرون فيه ابتكارا ساعد على تسهيل المثلثات كما يعتبرونه تغييرا ذا شأن في العوم الرياضية. و عرف البتاني القانون الأساسي لاستخراج مساحة المثلثات الكرية، و أوجد اصطلاح جيب تمام كما استخدم الخطوط المماسة للأقواس و أدخلها في حساب الأرباع الشمسية و سماها الظل الممدود، و هو المعروف بخط المماس.
و هناك بعض عمليات أو نظريات حلها (أو عبر عنها) اليونان هندسيا، و تمكن البتاني من حلها و التعبير عنها جبريا. و كان البتاني في هذا مبتكرا، و قد أتى بشيء جديد لم يعرفه القدماء.
و من هنا يتبين أن البتاني من الذي ساهموا في وضع أساس المثلثات الحديثة و من الذين عملوا على توسيع نطاقها. و لا شك إن إيجاده قيم الزوايا بطرق جبرية يدل على خصب قريحته، و على هضمه لبحوث الهندسة الوجبر و المثلثات هصما نشأ عنه الإبداع و الإبتكار.
لتحميل هذا الموضوع على شكل ملف PDF - اضغط هنا -
البتاني |
No comments:
Post a Comment